يثبت الفيلم على لسان ضيوف من حزبي العمل وميرتس (الأحزاب المحسوبة على اليسار الإسرائيلي) ميل اليسار الصهيوني إلى لغة العنف والحرب والاحتلال. ويشرح حالة انهيار "اليسار الصهيوني" في إسرائيل ومحو الفوارق بينه وبين قوى اليمين الإسرائيلي من خلال مسايرة "الإجماع القومي" وعدم طرح البدائل على المجتمع اليهودي. ويأتي الفيلم بالرد الواضح على كل من يراهن على اليسار الصهيوني من أجل تغيير الوضع الداخلي في إسرائيل تجاه سلام مع جيرانها العرب.
الفيلم فكرة رمزي حكيم، إخراج أسنت حديد، منتج نزار يونس، وإنتاج شركة الأرز للإنتاج التلفزيوني لصالح قناة الجزيرة الإخبارية.
يعالج الفيلم سيرورة انزياح المجتمع الاسرائيلي نحو اليمين والتي انطلقت مع وصول حزب الليكود، للمرة الأولى، إلى الحكم في أيار/مايو عام سبعة وسبعين، والتغييرات الديمغرافية داخل المجتمع اليهودي نفسه الذي بات لا يتشكل فقط من اليهود الشرقيين والغربيين، إنما أيضًا من شرائح اجتماعية جديدة جاءت مع الهجرة اليهودية الأخيرة من روسيا، حيث باتت شريحة "اليهود الروس" تشكّل قوة انتخابية غير مسبوقة في اسرائيل. في حين أن هذه الشريحة تميل بطبيعتها إلى قوى اليمين وليس إلى اليسار الذي فشل في إيجاد صيغة خطاب مقنع لشرائح متعددة داخل المجتمع اليهودي وثبّت القطيعة، بالذات، مع اليهود الشرقيين.
ويتطرق الفيلم، أيضًا، إلى محطات عديدة، كانت المحطة الأهم في مسار تطوّرها في العام 2000، الذي شهد فشل مفاوضات "كامب ديفيد" بين الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ورئيس الحكومة الاسرائيلية زعيم حزب "العمل" إيهود باراك. بهذا المعنى تستعرض الشخصيات الأكاديمية والحزبية والسياسية المشاركة في الفيلم، وأغلبها من اليهود وبمشاركة شخصيات من عرب 48، رؤى مختلفة ومتنوعة، وأحيانًا متناقضة، حول فهمها لليسار الصهيوني وسلوكياته منذ قيام الدولة العبرية ولغاية اليوم، وصولا إلى مفاوضات "كامب ديفيد" عام 2000 التي شكّلت نقطة تحوّل في مواقف معسكر ما يسمى بـ "اليسار الصهيوني". وتظهر مجريات أحداث الفيلم حصول انقلاب على مواقف قطاعات واسعة من الإسرائيليين، المحسوبين على هذا المعسكر، باتجاه اليمين، عبّر عن نفسه في بروز شعور لدى هذه القطاعات بعدم وجود شريك فلسطيني لصنع السلام، في حين بدت محاولة جديدة لإظهار صورة الفلسطينيين كعدو لدود لا يقبل المساومة.
وينتقد متحاورون في الفيلم محاولة براك نشر مقولة "اللا شريك". وبعضهم يتوصل إلى نتيجة مفادها أن "اليسار الصهيوني" الذي حمل اسم "معسكر السلام" كان مثار التباس، ووهم أحياناً، بحيث بدأ يخسر مواقعه، لاسيما حزبي "العمل" و"ميرتس"، بل إنه ذاب في تجمعات وأحزاب حصدت أصواتاً منه.
ويقول المؤرخ الإسرائيلي إيلان بابيه، صاحب كتاب التطهير العرقي، في سياق هذا الفيلم إن وظيفة اليسار الصهيوني التي يتقنها بكل جدارة هي "تجميل الوجه الصهيوني" وإقناع العالم أن دولة إسرائيل، وهي دولة أبارتهايد، هي دولة ديمقراطية.
الفيلم:
فكرة: رمزي حكيم
تصوير: جورج دبس
مونتاج: محمد هواري
موسيقى تصويرية: كارم مطر
إخراج: أسنت حديد
منتج: نزار يونس
إنتاج: شركة الأرز للإنتاج لصالح قناة الجزيرة